وصف المدون

بوابة النداء - Al_Nidaa Gate
|
|

إعلان الرئيسية

عاجل

شريط الأخبار

التدخل الإيراني في العراق حرب ضد داعش أم انتقام من العراق

  بغداد- النداء- أكد خبراء أن الهجوم الذي تقوده إيران على تكريت يشكل رسميّا التدخل الإيراني في العراق وسط تحذيرات من عواقب المعركة وما ستؤول...

حجم الخط


 بغداد- النداء- أكد خبراء أن الهجوم الذي تقوده إيران على تكريت يشكل رسميّا التدخل الإيراني في العراق وسط تحذيرات من عواقب المعركة وما ستؤول نتائجها لصالح هيمنة طهران في البلاد.

وقال تقرير نشرته جريدة العرب اللندنية اليوم أن الأنظار تتجه هذه الأيام، نحو مدينة تكريت العراقية حيث تدور رحى حرب بين قوات من الجيش الشعبي، وقوات الحشد الشعبي وميلشيات إيرانية من جانب، وتنظيم الدولة الإسلامية من جانب آخر. وهي معركة يقول خبراء إنها تفتح صفحة جديدة في الملف العراقي، سيكون بطلها هذه المرة التواجد الإيراني الرسمي والمعلن عنه، بما يشير إلى أن نذر حرب طائفية خطيرة تدقّ أبواب العراق، ومن ثمة المنطقة.

يعيش العراق هذه الأيام على وقع معركة تكريت، التي تراهن القوات العراقية والميلشيات الشيعية الموالية لإيران على جعلها مقبرة لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وسط تحذيرات من عواقب هذه المعركة التي ستكون بداية فعلية لحرب طائفية أصلها في العراق وفروعها تمتدّ على كامل بلاد الشام وشظاياها تطال المنطقة الإقليمية.

وبخلاف معارك أخرى شنّت، وماتزال، ضدّ تنظيم داعش، في مناطق مختلفة من العراق، تكتسي معركة تكريت أهمية كبرى، لا تقلّ أهمية عن المعركة المنتظرة لاستعادة مدينة الموصل بعد سيطرة تنظيم داعش عليها في الصيف الماضي.

وأشار التقرير أن الهجوم على تكريت يكرّس رسميّا التواجد الإيراني في الساحة العراقية، حيث بدأ النفوذ القوي لإيران يظهر إلى العلن أكثر من أي وقت مضى، في الأيام الأخيرة، عندما أخذت المليشيات المدعومة من إيران المبادرة في القتال ضد تنظيم داعش، بينما كان كبار القادة الإيرانيين يساعدون علنا في توجيه القتال.

وأبرز مثال يترجم ذلك، هو الظهور العلني للجنرال قاسم سليماني، “رجل الظلّ” وقائد قوات القدس الإيرانية، في تكريت. وبحسب ما نشرت وكالة “فارس” الإيرانية، فإن سليماني وصل إلى تكريت يوم السبت، “لتقديم الاستشارات للقادة العراقيين. وقد نشرت له صورا مع قيادات «معركة تكريت»، التي انطلقت رسميا الأسبوع الماضي، بعد حشد ما يقرب من 30 ألفا من جنود الجيش العراقي وقوات «الحشد الشعبي» وميليشيات شيعية تابعة لإيران.

ودليل آخر لا يقلّ خطورة هو تصريح علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي قال إن “إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي”.

صحيح أن تكريت ميدان مهم في الحملة برمتها، لكن الاستيلاء عليها من قبل مليشيات شيعية سيكون فوزا إيرانيا، وتتويجا لخطة يتمّ تنفيذها منذ عدة أشهر، بدأت من خلال تقدم القوات العراقية/الإيرانية عبر محافظة ديالى، انطلاقا من الحدود الإيرانية “مستردّة” تدريجيا مدنا مهمة من تنظيم الدولة الإسلامية. كما أن معركة تكريت لها مكانة “عاطفية” وخاصة بالنسبة إلى الجنود والمقاتلين الشيعة حيث إنها المكان الذي شهد مذبحة معسكر سبايكر، في يونيو الماضي، حين قام تنظيم داعش بإعدام 1700 من الجنود الشيعة.

لكن، كيف أمكن للعراقيين أن يستأمنوا إيران لمساعدتهم على التخلّص من تنظيم داعش، رغم ما بينهما من حروب وتاريخ طويل من الصراعات التي لا يبدو أن الإيرانيين استطاعوا نسيانها؟ وما هو الموقف الأميركي، من التغلغل الإيراني في العمق العراقي؟، ما النتائج التي ستترتب على وجود قائد إيراني على رأس القوات التي ستستعيد تكريت من “داعش” بدعم أميركي؟ ولأن تجربة العراق، والغزو الأميركي له، أثبتت ومازالت، أن ما بعد أيّ مواجهة عسكرية هو أهم من المواجهة نفسها، فأي مستقبل ينتظر تكريت، وديالى والموصل وبغداد، والعراق بأكمله بعد أن يتمكّن قاسم سليماني من نشر فرقه في كلّ مكان في البلاد؟

الأسباب التاريخية

خصّصت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية ملفّا مطوّلا عن التواجد الإيراني في العراق، والعنوان الفرنسي للملف هو “L’Iran perce en Irak”. الترجمة الأولية والواضحة للعنوان الفرنسي هي “إيران تظهر في العراق”، لكن الجملة الفرنسية تحتوي على لعب “صوتي” بالكلمات، يعكس إلى حدّ ما الحقيقة الموجودة على أرض الواقع، فكلمة perce/perse تعني في اللغة الفرنسية “الفرس”، أي المعنى الضمني للعنوان الفرنسي هو “إيران الفارسية في العراق”.

يقدّم المعنى الضمني للعنوان الفرنسي أحد أبرز التفسيرات التي يرتكز عليها الخبراء والباحثون، في قراءاتهم لأسباب التواجد الإيراني في العراق. وهي أسباب تتجاوز بعدها الاستراتيجي السياسي الراهن، إلى أبعاد أخرى تاريخية وطائفية وعقائدية، وأيضا “نفسية” عند بعض المحلّلين، وفهم هذه الأبعاد يؤدّي بدوره إلى استيعاب مدى خطورة التواجد الإيراني في العراق، وأهمية معركة تكريت، وتوقّع ما سيحصل بعد هذه المعركة.

لا يشكّك أغلب الخبراء في أن ما يواجهه العراق اليوم، من مؤامرات إيران، مردّه الهزائم التي منيت بها الإمبراطورية الفارسية في العراق، الأمر الذي ولّد رغبة مرضية انتقامية غذّتها أفكار ولاية الفقيه التوسّعية، وتعقيدات الملفّات الإقليمية والإستراتيجية الحالية.

وأوضح التقرير أن من بين الدراسات الحديثة التي تناولت الجانب التاريخي للدور الإيراني في العراق، لتبيان أهمية معركة تكريت، دراسة للباحثة الأميركية، ج. أ. داير (J. E. Dyer)، تقول إن الحملة التي تقودها إيران في العراق ترتكز على خاصيتين رئيسيتين، جغرافية وتاريخية، تكمّلان القراءة السياسية للقضيّة:

الخاصية الأولى هي أن إيران على وشك الحصول على أكبر المكاسب الجيواستراتيجية من الصراع في العراق إلى حد الآن، وذلك بقطع الطريق عن وصول تنظيم الدولة الإسلامية إلى بغداد، من الجهة الشمالية على طول نهر دجلة. أيضا، وفي ما يتعلّق بالجانب الجغرافي، يمثّل الإقليم الفرعي الذي يضمّ تكريت وسامراء ومحافظة ديالى من الشرق الطريق المركزي الوسطي نحو قلب العراق الحضري من “سربل ذهاب”، الممر العظيم عبر جبال زاغروس من الوسط الغربي لإيران.

الخاصية الأساسية الثانية، وفق ج. أ. داير، التي اشتغلت في المخابرات البحرية الأميركية، في دراستها التي حملت عنوان “الوضع الجيوسياسي لمعركة تكريت”، هي خاصية جغرافية إستراتيجية، حيث توجد تكريت في محافظة صلاح الدين، وقريبة من محافظة ديالى، وهاتان المحافظتان تحملان ثقلا تاريخيا هائلا، فهذا الممر في شرق العراق، هو المكان الذي تحارب فيه الفرس والعثمانيون والعرب من أجل بسط النفوذ على مدى قرابة 1400 عاما.

وتقع محافظة صلاح الدين بين مدينة سامراء المقدسة عند الشيعة ومدينة بيجي التي تضم أحد أهم مصافي النفط في العراق. إضافة إلى رمزية المدينة على اعتبار أنها مسقط رأس صدّام حسين. بينما تعد تكريت التي تبعد 80 ميلا من بغداد، العاصمة الروحية لنظام صدام حسين، كما أن هذه المدينة، التي تتميز بثقلها الاستراتيجي والاقتصادي، كانت آخر مدينة أساسية تسقط بيد القوات الأميركية خلال غزوها البلاد في عام 2003.

تسلل إيران في معركة تكريت

بدأت معركة تكريت الصيف الماضي عندما استولى عليها تنظيم داعش، بعد سيطرته على ديالى، بغاية التقدّم نحو بغداد. وتوقفت المسيرة لعدة أشهر في الخانقين التي “استعادها” سليماني وميليشياته الصيف الماضي. لكن ما إن بدأت قوات التحالف الدولية في قصف داعش في أماكن أخرى حتى بدأت المزيد من المدن، التي يسيطر عليها هذا التنظيم في السقوط، تاركا، أحيانا، المجال لدخول إيران.

ومثلما كانت مشاركة قاسم سليماني مؤثّرة في معركة القصير في سوريا، تتمثل مشاركته في معركة تكريت، بشكل واضح، بوصفه مخططا استراتيجيا وقائدا للمعركة، التي تعتبرها الباحثة الأميركية، ج. أ. داير، “معركة سليماني ومن ثمة معركة إيران”. وهذا أمر واضح تعكسه إشارات ذات أهمية خاصة مثل الحضور الكبير وبأعداد هائلة لكتائب حزب الله، وهو تنظيم قام قاسم سليماني بتأسيسه بنفسه. ويذكر أنه قبل بداية الهجوم الشيعي على تكريت تم نشر فيديو على الانترنت يظهر مقاتلي كتائب حزب الله متوجهين نحو المعركة.

وتؤكّد الباحثة ج. أ. داير أن معركة تكريت ما كانت لتحدث دون سليماني ولواء القدس الإيراني. وهو أيضا ما تؤكّده المعلومات التي ينقلها شهود عيان على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا تويتر، وتبيّن مدى مشاركة الإيرانيين في الحرب التي تدور رحاها في تكريت.

أسباب أخرى تسوقها الباحثة الأميركية في قراءتها للخلفيات التاريخية-السياسية لمعركة تكريت، وأصول التواجد الإيراني في العراق، من ذلك قولها إنه بعد ثلاثة قرون ونصف من “معاهدة زهاب”، (تعرف أيضا بمعاهدة قصر شيرين)، وجدت إيران، ما بعد ثورة الخميني، نفسها في مواجهة خطر جدي من عراق مستقل وأصولي. وفجأة أصبح الطريق إلى بغداد أهمية جغرافية عسكرية من جديد.

وبعد الغزو الأميركي للعراق سنة 2003، كانت إيران جاهزة للاضطراب الذي تلى ذلك في بلاد الرافدين بالاعتماد خاصة على مليشيات قاسم سليماني من “المجموعات الخاصة” المستعدة لتلبية النداء. واليوم، يتكرّر نفس السيناريو في ظلّ الحرب التي يقودها التحالف الدولي، بزعامة واشنطن، ضدّ داعش في العراق. وكانت تلك فرصة أخرى “على ما يبدو أتاحها الله للإيرانيين”، وفق داير.

حرب طائفية

لم يكتف الغرب بتليين العراق لتتمكن إيران من الاستيلاء عليه بطريقة خفية بل فقد عزمه وتصميمه بالتحديد في الوقت الحاسم. ولا يبدو العراقيون، السنة، مقتنعين بالانتقادات التي توجّهها واشنطن لطهران، وادعائها بأنها تدين ذلك، فأغلبهم مؤيّد لتفسير الباحثة في مركز الدراسات والأبحاث الدولية الفرنسي، مريم بن رعد، حيث قالت إن “إدارة باراك أوباما سلمت مفاتيح العراق إلى طهران”. وخلصت الباحثة، في تصريح لصحيفة “ليبراسيون”، إلى أن التدخل الإيراني يغذّي أكثر المجموعات تطرّفا لدى السنّة، ولا أحد يغفل عن خطورة المعارك العنيفة التي قد تندلع بين الطرفين ويحركها المنحى العقائدي لكلا الجانبين.

كل المعطيات تؤشّر إلى أن معركة تكريت ليست مجرد جبهة قتال، بل هي بداية المعركة الكبرى وأساسها. كما يبدو من الواضح أن المعركة لن تكشف القوة القتالية للخصمين على الأرض فحسب بل تقدّم صورة على مدى هيمنة إيران على الميلشيات وخطورة الأسلحة التي زودت بها الموالين لها، في العراق، وهو ما من شأنه أن يدفع إلى التساؤل حول مستقبل هذه القوات التي قد تعيد إلى الذاكرة نموذج حزب الله والحوثيين، خصوصا في ظلّ غياب واضح لسلطة الدولة العراقية، التي أضحى جيشها، الذي كان أحد أقوى الجيوش العربية، إلى قوّة تابعة لإيران، فيما حكومتها عاجزة عن وضع خطط مستقبلية للبلاد، بعيدا عن إملاءات واشنطن وطهران.

 

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح الخاصة بك. باستخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط. سياسة الخصوصية
موافق