![]()
بسم الله الرحمن الرحيم
الوفاء، صفة المؤمنين الأخيار، الأبرار قال تعالى (بلى من اوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين). (ال عمران)
وقال تعالى في سورة الرعد (إنما يتذكر أولوا الالباب، الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق).
الوفاء لغة: يعني العهد واكمال الشرط من مادة (وفى)
التي تدل على الإكمال والإتمام، وأقول أوفيتك الشيء إذا قضيتك إياه وافياً
..
إن الإيفاء بالعهود والعقود من اهم الفرائض التي فرضها الله تعالى
لنظام المعيشة والعمران.. فالله سبحانه وتعالى..
فرض علينا الصلاة وهو غني عن العالمين، لنؤدب بها نفوسنا لنعيش
في الدنيا عيشة راضية ونستحق بذلك عيشة الآخرة المرضية..
واخلاف الوعد من الذنوب الهادمة.. المفسدة للعمران..
وما فقدت أمة الوفاء الذي هو ركن الامانة وقوام الصدق الا وحلّ بها العقاب الالهي..
ولا يعجل الله الانتقام من الامم لذنب من الذنوب يفشو فيها كذنب الاخلال
بالعهد والاخلاف بالوعد..
وانظر حال أمة استهانت بالايفاء بالعهود ولم تبال بالتزام العقود كيف
حلّ بها عذاب الله تعالى بالاذلال وفقد الاستقلال وضياع الثقة بينها حتى
في الاهل والعيال.. فهم يعيشون عيشة الافراد لا عيشة الامم.
صور متحركة ووحوش مفترسة.. ينتظر كل واحد منهم وثبة الآخر عليه،
اذا امكن ليده ان تصل اليه.. ولذلك يضطر كل واحد اذا عاقد اي انسان من امته
ان يستوثق منه.. ويحترس من غدره بكل ما يمكن فلا تعاون ولا تناصر
ولا تعاضد ولا تآزر بل آستبدلوا بهذه المزايا التحاسد والتباغض والتعادي
والتعارض ولكنهم أذلاء للعبيد..
أما رأي الغزالي (رحمه الله) في الوفاء:
1- يقتضي وفاؤك لأخيك في الله تعالى ان تراعي جميع اصدقائه واقاربه
والمتعلقين به.
2- من الوفاء ان لا يتغير حال الانسان في التواضع لأخيه وان ارتفع شأنه.
3- من لوازم الوفاء ان يجزع الانسان لفراق اخيه.
4- من لوازم الوفاء ان لا يسمع الانسان وشاية في أخيه.
5- من لوازم الوفاء ألاّ يصادق الانسان عدوّ أخيه.
قال تعالى (واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا).
ومن اجلّ انواع العهود عهد الازواج.. قال تعالى (وقد افضى بعضكم
إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظا)..
لذلك قال المصطفى (صلى الله عليه وسلم)
(ان أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج)..
ويحذر الرسول (صلى الله عليه وسلم) ان يخون الزوج هنا في قليل او كثير
.
ويشترط الوفاء بالعهد الاّ يكون في معصية.. ولذلك يقول الغزالي
(رحمه الله) ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الحق في أمر الدين بل
من الوفاء المخالفة..
واذا كان الانسان في نيته ان يفي ثم عجز لسبب خارج عن ارادته او عن طاقته
لم يكن عليه اثم لقوله (صلى الله عليه وسلم)
(اذا وعد الرجل وفي نيته أن يفي فلم يفِ (اي لعذر) ولم يجئ للميعاد فلا اثم عليه..
وللصوفية مذهب في تصوير الوفاء فمعروف الكرخي يقول
(حقيقة الوفاء اقامة السر عن رقدة الغفلات وفراغ الهمم من فضول الآفات)..
ويقول ابو بكر الشبلي (الوفاء هو الاخلاص بالنطق واستغراق السرائر بالصدق)..
ويصور القرآن لنا غدر بعض الناس الذين أخذوا على انفسهم أغلظ العهود
والمواثيق بالطاعة والشكر ان اعطاهم ربهم ما ارادوا.. فلما حقق لهم ما طمعوا
فيه كانوا من الجاحدين الغادرين
(ومنهم من عاهدوا الله لكن آتانا من فضله لنصدقن ولنكون من الصالحين،
فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون).
.
وفي تراثنا الاخلاقي كثيراً من الكلمات الحكيمة التي تحذرنا من الغدر والخيانة.
ومنها (كفى بالمرء خيانة أن يكون امينا للخونة). ومنها (من نقض عهده، ومنع رفده،فلا خير عنده)..
الا ان الوفاء من صفات الكرام الاحرار وان القدر من صفات اللئام الفجّار فلينظر كل امرىء اين يكون..
اللهم اجعلنا ممن يوفون بعهدهم اذا عاهدوا..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وسلم.

إرسال تعليق